أشار السّفير الإيراني في لبنان مجتبى أماني، خلال إحيائه وأركان السّفارة، الذّكرى الخامسة والأربعين لانتصار الثورة الإسلامية في إيران- العيد الوطني، باحتفال أُقيم في مقرّ السّفارة الإيرانيّة في بئر حسن، إلى أنّ "في مثل هذه الأيّام منذ خمسة وأربعين عامًا، اِنتَصَرتِ الثورةُ الجبّارةُ التي فَجَّرَهَا الشعب الإيراني العَظیم بِقِيادةِ الإمام الخُمَينيّ، لِتُنهيَ إلى الأبدِ حُكمَ النّظامِ الإمبِراطوريِّ المُستَبدِّ، وتُحِلَّ مَكانَهُ نِظامٌ إلهيٌّ- شَعبِيّ، وهو نِظامُ الجمهوريةِ الإسلاميةِ الإيرانية".
ولفت إلى أنّ "هذِهِ الثّورة وإنجازاتها لم تكن حَكَراً عَلى الشَّعبِ الإيرانيِّ، بَل مِلكاً وأرثناً مُشترَکاً لجميعِ الأحرارِ والمُستضعفينَ والمَحرومينَ وطالِبيِ العَدالةِ والحُريّةِ في العالم. ولَقَد شاهَدنَا الأَصداءَ المعنويّةَ لإنتِصارِها تَتَرَدَّدُ في كثيرٍ مِن المُجتَمَعاتِ البشريّةِ والسّاحاتِ الإسلاميِة، حَيثُ استُبدِلَت حالةُ اليأسِ والإنهِزاميةِ بِروحيةِ المُقاوَمَةِ، فَلَم تَكُنِ الإنتِصاراتُ المُتَتاليةُ والآمالُ المُتَواعِدةُ عِندَ الأجیالِ القادِمَةِ وشَبابِ الأمّةِ إلّا ثِماراً طيّبةً لهذه الرّوحِ الجَديدةِ في المَنطقة".
وأكّد أماني أنّ "لا شكّ أنّ أعداءنا الحاقِدين الّذين تُؤَرِّقُهُم أنوارُ هذهِ الثورة، ومُنجَزاتُهَا الوَطنِیّةُ في شَتَّى النَّواحِي لاسِيَّمَا العِلميّةِ والفکریّةِ والثّقافيّةِ والتّكنولوجيّةِ وحتى العَسكريّةِ والنّوَوِیّةِ السِّلمیّةِ، يُواصِلوُن تَكثِيفَ مُحاوَلاتِهِم مِن أجلِ النَّيلِ مِنها وحَجبِ أنوارها السّاطِعة. وَمِن هُنا فإنّ مَنطَقتِنَا الاستراتیجيّةَ في غرب آسیا تَقِفُ عَلَى أعتابِ تَطوُّراتٍ مَفصَليّةٍ ومصیریّة، مِن أبرزِ سِماتِها تَقَهقُرِ الاستكبارِ وأعوانِه وتَراجُعِ سَطوَتِهِم وکسرِ هَیمَنَتِهِم".
وشدّد على أنّ "تَجَاوُزَ هذِهِ المَرحلةِ الحسّاسةِ والدّقیقةِ، والتَّغَلُّبَ على المُخَطَّطاتِ المُعادِيَةِ والفِتَنِ التَّقسیمیّةِ، يَتَطَلَّبُ وَعيَ الجَمیعِ ووُقوُفَ كُلِّ الشّعوُبِ في مُواجَهَةِ التّحدّياتِ الرّاهنةِ، بالإتّكالِ عَلَى اللهِ وقیامِنا بإقامة العَدالةِ والقسطِ، عَبرَ بذلِ الجُهودِ المُخلِصةِ والتّحَلّي بالصبرِ والمُثابرةِ والصُّمودِ والحِرصِ عَلى وحدةِ الصَّفِّ والكلِمةِ"، مركّزًا على أنّ "إيران سَتُواصِلُ دَورَها الإيجابيَّ والبَنّاءَ لإستِتبابِ الأمنِ والاستقرارِ في المنطقةِ، وإيجادِ منظومةٍ مِن التعاونِ الإقليميِ في إطارِ المصالحِ المشتركةِ لبلدانِ المنطقة. وتُعطِي الأولویةَ في سیاستِهَا الخارجیّةِ لِبُلدانِ الجوارِ، والّتي نَعتَبِرُ جُمهوریّةَ لبنان الشقیقةَ مِن ضمنِ دائرةِ الأصدقاءِ الجارّةِ في دوائرِ العلاقاتِ الخارجیةِ، بِکُلِّ صِلاتِها الوُدِّیّةِ وسِماتِها النِّدِّیةِ والأیدِي المَمدُودةِ للتّعاونِ المُخلِصِ والتّعامُلِ البَنّاءِ، لِرسمِ مُستَقبَلٍ مُشرِقٍ عارٍ عن وُجودِ العدوِّ المحتلِّ وداعِمیه، ذَوِی الأطماعِ في هذهِ المنطقةِ، مِن أجلِ الوصولِ إلی الرُّقِيِّ والرَّخاءِ والتنمیةِ والإخاءِ وتحقيقِ الأهدافِ الّتي نَصبُو إليها جميعاً".
كما أعلن أنّ "بِالرّغمِ مِن كلِّ الضغوطِ التي تَتَعرَّضُ لها والحِصارِ المفرُوضِ عليها مُنذُ عُقودٍ، فإنّ إيران ما زالت وستبقى وَفِيَّةً لِمَبادِئِهَا الحَقّة، لا يُمكنُ أن تَستَسلمَ لِمَنطقِ التّهديداتِ تحت أيِّ ظَرفٍ مِن الظّروُفِ، وسَتَظَلُّ داعِمَةً للشّعوبِ المُستَضعَفةِ وقضاياهَا العادِلة"، مبيّنًا أنّ "شعوب المنطقة وبلدانها تدفع اليوم ثمناً باهظاً نتيجة السياساتِ الرَّعناءِ للقوی الأجنبیة مِن خارجِ منطقتِنا، ودعمِهَا الظّالمِ للكيانِ الصّهيونيِّ الغاشمِ في حرب الإبادة ضدّ الشعب الفلسطیني العزیز عموماً وأهلِ غزة خاصّة".
وأشار أماني إلى "أنّنا على يقينٍ مِن أنّ هذهِ المَلاحِم التي تَسَطَّرَهَا المقاومةُ الفلسطينيّةَ سَتُؤَدّي في نهايةِ المطاف، رَغمَ كلِّ المُعاناة، إلى دَحرِ الاحتلالِ الإسرائيليّ وإحرازِ النّصرِ النّهائيّ"، مضيفًا: "لبنان الشّقيق الّذي تَربِطُنا بهِ علاقاتٌ تاريخية ووَشائِجُ الأخُوّةِ والصّداقةِ والمَحبّةِ والتّعاوُن والمصالحُ المُشترکة، فإننا واثِقونَ مِن أنّهُ لَقادِرٌ مِن خلالِ شَعبِه الواعي وجَيشِهِ الباسِل وأبناءِ مُقاومتِهِ البَطَلةِ، على التّقدّمِ والنّجاحِ والمُحافظةِ على انتصاراتِهِ التّاريخيّةِ وصَدِّ اعتداءاتِ الكيانِ الصّهيونيِّ الهَمَجِيَّةِ، بَعَونِ الله ورِعايَتِه".
وأكّد "أنّنا كَما كُنّا علَى الدَّوام فإنّنا نُجَدِّدُ وُقوُفَنا إلى جانبِه، واستعدادَنا الثّابتِ لِتَطويرِ العلاقاتِ الثُّنائيةِ وتَعزيزِ الرَّوابِطِ وأَواصِرِ الصَّداقَةِ في المَجالات كافّة، بالشُكلِ الّذي يَخدِمُ المَصلحةَ المُشترَكةَ لِلبلدينِ الشّقيقَين".